مجموعة مختارة من تعليقات الصحف الكنديّة التي صدرت خلال الأسبوع من إعداد وتقديم مي ابوصعب وفادي الهاروني وبيار أحمراني.
صحيفة ذي غلوب اند ميل: فرنسا تريد الشعور بالأمان بأيّ ثمن
"فرنسا تريد أن تحقّق الأمان مهما كان الثمن، ولكن ماذا لو كان ذلك يتطلّب أكثر من اللازم"؟
هذا السؤال مطروح في مقال نشرته صحيفة ذي غلوب اند ميل، بتوقيع البروفسور دومينيك موازي أستاذ معهد الدراسات السياسيّة في باريس والأستاذ الزائر في معهد كينغز كوليدج في لندن والمستشار في المعهد الفرنسي للشؤون الدوليّة.
يقول باتريك موازي إنّ هجمات باريس الارهابيّة في تشرين الثاني نوفمبر التي أوقعت 130 قتيلا أثارت مشاعر الخوف الشديد والألم وعزّزت في الوقت عينه الوحدة والصمود.
وبعد هجوم نيس الذي راح ضحيّته ما يزيد على 80 قتيلا، أصبحت مشاعر العجز والغضب مهيمنة يقول كاتب المقال.
والفرنسيّون محبطون وقلقون ويريدون الشعور مجدّدا بالأمان مهما كلّف الثمن يقول موازي.
والمشاعر مفهومة ولكنّها لا تساهم بالضرورة في اتّخاذ قرار فعّال.
والمشكلة فيها هو تعبير "مهما كلّف الثمن"، يقول دومينيك موازي في تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل.
ويتابع فيقول إنّ المواطنين قد يميلون في حال شعروا أنّ المسؤولين خذلوهم، نحو بدائل أكثر تطرّفا.
والأحزاب الشعبويّة والعنصريّة بدأت تكتسب زخما أكبر في فرنسا وسواها.
ومن المحتمل أن يأخذ الناس القانون بأيديهم في حال حثّتهم هذه القوى على ذلك.
وأمام السلطات الكثير لتقوم به، ومن الصعوبة بمكان حماية المواطنين من الهجمات الارهابيّة والحفاظ في الوقت عينه على سيادة القانون.
ومن الممكن أن يتحوّل أشخاص نحو التشدّد ولا سيّما من يعانون من اضطرابات نفسيّة كما حصل في هجوم نيس.
ولا يمكن للسلطات أن تعطي أيّة ضمانات حول احتمال حصول المزيد من الهجمات.
ويتابع دومينيك موازي في تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل فيشير إلى أنّ هنالك الكثير من الذي يمكن ويجب القيام به لتعزيز الأمن في فرنسا وسواها.
لكنّ ضمان الأمن المطلق يضرّ اكثر ممّا ينفع كما يقول كاتب المقال.
ويستحقّ الفرنسيّون كما كلّ الشعوب، أن يشعروا بالأمان في كلّ ما يقومون به، والسؤال مطروح حول كيفيّة إعادة هذا الشعور بالأمن في وقت لا يمكن القضاء كليّا على خطر وقوع هجوم إرهابي.
والجواب داخل المجتمع المدني. وعلى المواطنين أن يصبحوا أكثر يقظة حيال علامات التشدّد وأن يتعلّموا أكثر كيفيّة الرد عليها.
وينبغي تشجيعهم على التبليغ عن حالات التشدّد التي يلاحظونها لدى المقرّبين منهم إلى سلطات الصحّة العقليّة والشرطة.
وبعيدا عن اختلاق اتّهامات لا أساس لها من الصحّة، ينبغي توفير قنوات تتيح الكشف عن ميول عنيفة ومتشدّدة يقول دومينيك موازي.
والتجربة تلك نجحت في اسرائيل ورغم الهجمات المتكرّرة يحتفظ الاسرائيليّون بشعور من الأمان النسبي يعود الفضل فيه جزئيّا إلى المجتمع المدني.
والمواطنون على استعداد لاحترام ما اسماه الفيلسوف الألماني ماكس ويبر حصريّة "الاستخدام المشروع للقوّة الجسديّة".
وفرنسا ليست على وشك الوقوع في حالة من الفوضى يقول دومينيك موازي وعينها ساهرة لمكافحة الارهابيّين.
ولكنّ حملة التخويف التي يشنّها الشعبويّون دون هوادة والتجارب المرعبة والمأساويّة والمثيرة للغضب تقوّض تفكير الناس وتوقعهم فريسة للخطابات التي تلهب المشاعر كما يقول كاتب المقال في صحيفة ذي غلوب اند ميل دومينيك موازي.
ولا يستبعد أن يستغلّ السياسيّون أحداث نيس مع اقتراب موعد الحملة الرئاسيّة في فرنسا العام المقبل.
وينبغي عدم السماح بأن يحصل ذلك كما يقول. وفي حال رضخ الفرنسيّون للخوف وانتخبوا شعبويّين متعصّبين، يكون تنظيم "الدولة الاسلاميّة" قد سجّل انتصارا كما يقول.
ويضيف أن التنظيم يخسر والاراضي التي يسيطر عليها في سوريّا والعراق تتضاءل واستراتيجيّته الأخيرة المتبقّية هي التجنيد السريع.
وقد يلقى دعما كبيرا من تكثيف الخطاب المعادي للمسلمين او من الذين يحوّلون خطابهم إلى سياسة.
ومسؤولو التعبئة في تنظيم "الدولة الاسلاميّة" يحقّقون النجاح ووجدوا من اسطنبول إلى اورلاندو ودكّا الكثير من الأنصار التوّاقين للقتل باسم التنظيم.
وطالما بقي الغرب موحّدا ومحافظا على المبادئ، لا يمكن للتنظيم ان يخرج منتصرا.
ومفتاح الحل بالنسبة لفرنسا وسواها هو في العمل في الداخل والخارج، وتعزيز الروابط بين وكالات الأمن المحليّة والخارجيّة، مع وعي أكبر بالمخاطر من قبل المجتمع المدني، على غرار النمط الاسرائيلي، ومواصلة الضربات ضدّ معاقل التنظيم للقضاء على حلمه بإقامة دولة الخلافة.
واستعادة السيطرة على حياتنا ومصيرنا تعني أن نكون واقعيّين.
وبدل المطالبة بالعودة إلى مرحلة ما قبل الإرهاب، علينا أن نكون متيقّظين أكثر حيال المخاطر التي يشكّلها ليس على سلامتنا فحسب وإنمّا أيضا على قيمنا والتزامنا بسيادة القانون.
وعلينا أن نبذل قصارى جهدنا للتخفيف من هذه المخاطر يقول البروفسور دومينيك موازي في ختام تعليقه في صحيفة ذي غلوب اند ميل.
"بعد إحباطه الانقلاب يقوم أردوغان بالتحضير لانقلاب"
قد يبدو قيام صحيفة بالإشارة إلى إصدار السلطات التركية مذكرات اعتقال بحق 42 صحافياً في إطار التحقيقات الجارية بعد المحاولة الانقلابية العسكرية الفاشلة وكأنه خدمة ذاتية، تقول "ذي غلوب آند ميل" في إشارة إلى القرار الصادر عن سلطات أنقرة يوم الاثنين.
لكن من المؤكد أن اعتقال هذا العدد الكبير من الصحافيين فيما تجتاز تركيا أزمة يشكل خسارة صافية كبيرة للنقاش والإعلام في وقت الديمقراطية التركية، أو ما تبقى منها، هي بأمس الحاجة إليهما، تضيف الصحيفة الواسعة الانتشار في كندا.
واعتقال هؤلاء الصحافيين هو رأس جبل الجليد، فنحو من 60 ألف شخص في تركيا إما اعتُقلوا أو سُرحوا من وظائفهم أو عُلقت وظائفهم منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت ليل الخامس عشر من تموز (يوليو) الجاري، تقول الصحيفة الكندية.
يوم أمس أعطى زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، حديثاً لوكالة "أسوشيتد برس" للأنباء دعا فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للتوقف عن اضطهاد من يُشتبه بأنهم حلفاء للمشاركين في المحاولة الانقلابية. والحزب المذكور هو أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان التركي.
"نحن جميعاً بحاجة لإجراء نقد ذاتي"، تنقل "ذي غلوب آند ميل" عن كليجدار أوغلو قوله في المقابلة، مضيفة أنه، بالفعل، يُفترض به أن يكون مطلعاً في هذا المجال.
ففي أزمنة سابقة كان حزب الشعب الجمهوري ضالعاً في عدد من الانقلابات، كما في شبه انقلاب، حصلت على الضوء الأخضر من القيادة العامة للقوات المسلحة التركية في وقت اعتقد فيه العسكر أن الساسة المدنيين قد بدأوا يخرجون عن سيطرتهم، تقول "ذي غلوب آند ميل"، مضيفة أن الحزب المذكور هو حزب علماني وقومي وأنه الوريث الحالي للمؤسس غير المتدين للجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك.
إحدى نتائج الأزمة هي أن صحيفة يومية علمانية وليبرالية مثل "حرييت" (Hürryet) تبدو بمأمن من قمع أردوغان الذي قامت حكومته قبل المحاولة الانقلابية بمصادرة صحيفة "زمان" اليومية ذات التوجهات الإسلامية والمعارضة للرئيس التركي، تقول "ذي غلوب آند ميل".
طرفا النزاع الأخير والمستمر في تركيا هما حليفان سابقان في الإسلام السياسي: حزب العدالة والتنمية، الذي هو حزب الرئيس أردوغان، وأتباع الداعية فتح الله غولن، تضيف الصحيفة الكندية.
نعم، ينبغي محاكمة المتواطئين في المحاولة الانقلابية ومعاقبتهم، ولو أنه يجب عدم إعادة حكم الإعدام. ويجب أن يُسمح للمواطنين الأتراك بالعودة إلى وظائفهم دون خوف من أن يُطردوا منها، أو أن يحل بهم ما هو أسوأ من الطرد، تقول الصحيفة.
دعوة أردوغان لـ"تطهير كافة مؤسسات الدولة" تبدو كإعادة بناء متشددة وجذرية للدولة والمجتمع، كانقلاب بحد ذاته ينهي الديمقراطية الكاملة ويستبدلها بنظام استبدادي، تختم "ذي غلوب آند ميل".
لوجورنال دو مونتريال: الالعاب الاولمبيّة، زيكا والارهاب"
تحت عنوان: " الألعاب الأولمبية، زيكا والإرهاب " كتب جوناتان ترودو في لو جورنال دو مونتريال يقول:
مع اقتراب انطلاق الألعاب الأولمبية في ريو، يزداد عدد الرياضيين الذين أعلنوا انسحابهم من المشاركة في الدورة.
ويبرر هؤلاء قرارهم بسبب تفشي فيروس زيكا وخطر الإصابة به . لكني أسمح لنفسي أن أعرض هذه الفرضية: أليس ممكنا أن يكون بعضهم تحجج بتفشي الفيروس بدل التحجج بالإرهاب؟ ولا أشك طبعا بصدق هؤلاء الرياضيين الذين يستعدون خلال عدة سنوات للوصول إلى المشاركة الأولمبية، فخطر الإصابة بالفيروس حقيقي، لكن ثمة خطرا حقيقيا آخر يهدد الرياضيين والمواطنين وكل الذين سيحضرون المباريات في الملاعب، وهو خطر الإرهاب.
ذلك أن الاعتداءات الضخمة تتتابع بوتيرة مخيفة والمرضى العقليون الذين ينفذون أوامر مرشدين خدرهم القرآن، لا يرحمون ولا يفرقون بين شاب وعجوز ورجل وامرأة ومسيحيي ومسلم. والألعاب الأولمبية تقدم لهم مسرحا مميزا لجلب أنظار العالم بأسره.
ويتابع جوناتان ترودو في لو جورنال دو مونتريال:
أتذكر في هذه الأيام دورة فانكوفر الأولمبية عام 2010 وكان لي شرف مرافقة رئيس حكومة كيبيك وأذكر حفل الافتتاح بحضور ستين ألف شخص، وأذكر أني شعرت برعشة وأنا أدخل مدرجات الملعب. فبالرغم من وجود حراسة أمنية واسعة، ظل الشك يراودني وأنا أتساءل : ماذا لو أن أحدا ما قرر العبث بالأمن؟ لكانت النتيجة ، الهلع، الرعب والموت .
وكل هذا منذ أكثر من ست سنوات وفي بلد مستقر وآمن. لكن الأوضاع باتت أكثر خطرا فالأعمال الإرهابية لم تعد أحداثا منفردة وهي لا تقع مرة في السنة أو في ست سنوات فالقصة تتكرر تقريبا كل أسبوع.
ويتابع جوناتان ترودو: بات السياح يتحاشون زيارة عواصم العالم الكبيرة لا سيما خلال انعقاد أنشطة دولية كبيرة. فمن يريد الذهاب إلى باريس أو نيس في فرنسا؟ أو إلى بروكسيل في بلجيكا أو إلى اسطنبول في تركيا؟ إو إلى ميونيخ في ألمانيا ؟ فتصوروا إلى بلد مثل البرازيل خلال انعقاد الألعاب الأولمبية؟
الأمر محزن جدا فعلى غرار ملايين الناس كنت أتابع الدورة مدهوشا ببراعة الرياضيين ولكني، بعد بضعة أيام، ودائما على غرار ملايين البشر سأتابع الدورة وأنا أتساءل ما إذا كان سيحدث أمر ما.
ويخلص جوناتان ترودو مقاله في لو جورنال دو مونتريال بشيء من التهكم: وأنتم، هل ستذهبون إلى ريو؟ صحيح، إن فايروس زيكا متفش هناك...
استمعوا