تعليقات من الصحف الكنديّة التي صدرت خلال الأسبوع من إعداد وتقديم كلّ من مي أبو صعب وبيار أحمراني وفادي الهاروني.
اهتمّت الصحف الكنديّة بالتقرير الصادر عن الجرّاح العام العسكري حول الجنود الكنديّين وقدامى المحاربين، والمشاكل النفسيّة وأعراض ما بعد الصدمة التي يعانونها.
صحيفة ذي غلوب اند ميل: ساعدوا الجنود الذين يساعدوننا
صحيفة ذي غلوب اند ميل كتبت تقول إنّ الجنود الذين حاربوا في الصراعات الدوليّة يتردّدون في الحديث عمّا شاهدوه من تدمير للإنسان خلال المعارك وبعدها.
ورغبتهم في تجنيب الآخرين الصوّر المروّعة التي لا يمكنهم نسيانها هو خير مثال على شجاعة قدامى المحاربين.
وتشير الصحيفة إلى دراسة جديدة صادرة عن الجرّاح العام العسكري تربط بين الانتحار وبين نشر الجنود الكنديّين في مهمّات خطيرة.
واستنادا إلى سجلاّت محفوظة منذ العام 2002، منذ أن بدأت كندا ترسل جنودا إلى أفغانستان، بلغت نسبة الانتحار في صفوف الجنود الذكور 32 إلى مئة ألف، أي ما يقرب من ضعف المعدّل العادي للمدنيّين من الرجال.
ويقرّ واضعو الدراسة بوجود عوامل أخرى غير الجولات خارج البلاد تؤدّي إلى الانتحار، من بينها المرض العقلي ومشاكل العلاقة والإدمان والديون.
لكنّهم يتحدّثون عن وجود أدلّة إضافيّة تشير إلى أنّ المهمّة في أفغانستان كان لها تأثير قويّ على الصحّة العقليّة للموظّفين الذين ينتشرون لدعم مهمّة الجنود.
ويفيد تحقيق أجرته ذي غلوب اند ميل أنّ واحدا وسبعين جنديّا ومحاربا قديما انتحروا بعد مشاركتهم في المهمّة في أفعانستان التي فقدت كندا فيها 152 جنديّا لقوا حتفهم في المعارك، فيما انتحر ستّة آخرون أثناءها.
وتتابع الصحيفة مشيرة إلى وجود أسباب عديدة تدفع للانتحار.
لكنّ العبء الاضافي الناجم عن أعراض ما بعد الصدمة قد يكون أثقل من قدرة تحمّل الجنود الذين يعانون أيضا من الاكتئاب ويمرّون بأوقات عصيبة في المنزل او على الصعيدين المالي والعاطفي.
واعترف القادة العسكريّون بوجود معدّلات انتحار مرتفعة في صفوف القوّات الكنديّة وأكّدوا أنّهم سيقومون بشيء حيال ذلك.
ولن يكون الأمر سهلا ولكنّه ضروري، وزاده إلحاحا تقرير الجرّاح العام العسكري تقول ذي غلوب اند ميل.
و الجنود الكنديّون الذين قاتلوا من أجل السلام يستحقّون بعد عودتهم إلى البلاد التمتّع بالسلام الذي ساهموا في الحفاظ عليه.
وإن كان الأمر يتعلّق بصرف المزيد من المال، ينبغي أن تسارع الحكومة الكنديّة إلى توفيره تقول الصحيفة في ختام تعليقها.
صحيفة ذي ناشونال بوست: الأزمة ليست أزمة
صحيفة ذي ناشونال بوست رأت في تعليق بقلم كولبي كوش أنّ ثمّة مغالاة في الحديث عن أعراض ما بعد الصدمة في صفوف الجنود الكنديّين.
وأشارت تحديدا إلى التركيز على الموضوع في صحيفة ذي غلوب اند ميل التي خرجت هذه السنة عن تقليد إعلامي يقول بعدم نشر تفاصيل حميمة حول انتحار جنود وعن معاناة محاربين قدامى من الآثار النفسيّة التي تركها فيهم القتال.
وترى الصحيفة أنّ الجميع يستحقّون الملامة لأنّهم يغفلون في زمن الانتخابات، الحديث عن معاناة الجنود الكنديّين العائدين من الخارج.
وقلّما يطالع قدامى المحاربين صحيفة ما إلاّ ويجدون فيها عبارة الانتحار او أعراض ما بعد الصدمة.
وترى ذي ناشونال بوست أنّ ما يمكن استخلاصه من تقرير الجرّاح العام العسكري أنّ المقارنة بين الجنود والناس العاديّين تفيد أنّ ما من أزمة .
ونسبة الانتحار في صفوف الجنود كانت حتّى الأمس القريب أقلّ من معدّلات انتحار المدنيّين الذكور من الفئة العمريّة نفسها.
ويقلق معدّو الدراسة بالاستناد إلى ارقام حديثة، من أن يتلاشى الأثر الوقائي الذي أنشئت من أجله الخدمة العسكريّة وهي ميزة يُنظر إليها من قبل علماء الأوبئة في دول أخرى.
وإن كانت الحال كذلك، فهو يتلاشى في وقت نجد فيه وعيا متزايدا بشأن إرهاق ما بعد الصدمة تقول ذي ناشونال بوست.
وتضيف أنّ قدامى المحاربين هم مجموعة ناجحة في مرحلة ما بعد الخدمة العسكريّة وقلّة منهم تندم على خدمة الوطن.
وتصويرهم كتيّار من الدمى المتكسّرة المتدفّقة من الحروب الخارجيّة لا يجدي نفعا لمن هم أقلّ حظّا منهم.
وواجبنا كصحافيّين، أن نفي بالتزاماتنا السياسيّة والاجتماعيّة لقدامى المحاربين واولئك المتفوّقين الذين يستحقّون الثناء تقول ذي ناشونال بوست.
الاقتصاد العالمي: تشجيع على التحفيز الاقتصادي مع تحذير من الإفراط في العجز الميزاني
تناول محرر الشؤون الاقتصادية في راديو كندا (هيئة الإذاعة الكندية) جيرالد فيليون موضوع العجز في الميزانيات الحكومية في حديث مع كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بين عاميْ 2008 و2015 أوليفييه بلانشار.
يدعم بلانشار سياسات التحفيز الاقتصادي المتبعة في الدول المتقدمة، لكنه يوجه تحذيراً من الإفراط في العجز الميزاني بعد سياسات التقشف السابقة.
"بالتأكيد يجب زيادة الميزانية في دول عديدة، وربما أيضاً في الولايات المتحدة، لكن يجب أيضاً توخي الحذر الشديد"، يقول بلانشار، مضيفاً أنه يخشى من الذهاب "بعيداً جداً" في اتجاه الإنفاق "كرد فعل" على عدم الإنفاق بما يكفي في الماضي.
ويلفت الصحافي جيرالد فيليون إلى أن صندوق النقد الدولي، أسوة بمنظمات أخرى، يدعو الحكومات، ومنذ مدة، لتحفيز اقتصاداتها. فالنمو ضعيف في دول عديدة، ومعدل التضخم منخفض، وأسعار الفائدة في أدنى مستوياتها. وفي ظروف كهذه يشجع صندوق النقد الدولي الحكومات على الاقتراض والاستثمار في الاقتصاد. وهذا ما تفعله حكومة جوستان ترودو الليبرالية في أوتاوا.
وخلال زيارتها إلى العاصمة الفدرالية في أيلول (سبتمبر) الفائت أشادت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد باستراتيجية الحكومة الكندية في مجال الإنفاق الكثيف على البنى التحتية، مؤكدة أن كندا تشكل في هذا المجال "مثالاً" يُحتذى به في العالم. وهذا تبدل واضح في سياسة صندوق النقد الدولي الذي طالما دعا لاتباع الصرامة والتقشف، يقول فيليون.
ويذكّر محرر الشؤون الاقتصادية في راديو كندا بأن بلانشار أقر عام 2013 بأن إجراءات التقشف المفروضة على اليونان من قبل الهيئات الدولية والأوروبية تسببت بتراجع للنمو الاقتصادي في هذا البلد العضو في منطقة اليورو فاق التوقعات بكثير.
فقد كان صندوق النقد الدولي يتوقع لإجراءات التقشف أن تؤدي إلى تراجع إجمالي الناتج الداخلي اليوناني بنسبة 5,5% بين عاميْ 2009 و2012، لكن التراجع بلغ نحواً من 20%، فكان مؤلماً جداً لاقتصاد اليونان. وإزاء هذا الوضع كان لزاماً على صندوق النقد الدولي إعادة تصويب الأمور.
ويعتقد كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي أن السنوات الأولى من حكم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ستشهد نمواً اقتصادياً أعلى بقليل من المتوقع. ويتوقف الأمر فيما بعد على مدى انفتاح ترامب على التجارة الدولية، يرى بلانشار الذي يؤكد أن أحد المخاطر الأساسية على الاقتصاد يتمثل بتصاعد الحمائية.
"لنكن واقعيين، هناك عدد من الاتفاقات التي لن تُنفذ. هل سينجم عن ذلك تراجع هام؟ آمل ألّا يحصل ذلك، وأعتقد أنه لن يحصل"، يقول بلانشار.
ويرى بلانشار أنه يجب الإصغاء للناس بصورة أفضل، مضيفاً أنه "يبدو بوضوح أن هناك أناساً يتألمون بسبب فتح الحدود (أمام التجارة العالمية)"، وأن الجميع يطرحون أسئلة محقة. لكن كبير الخبراء الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي لا يعتقد أن مصدر المشكلة هو التجارة العالمية بقدر ما هو التقدم التكنولوجي الذي تستفيد منه برأيه شريحة من الناس لديها مؤهلات معينة.
"كوبا، كيبيك وكندا"
تحت عنوان: " كوبا، كيبيك وكندا " كتب المحرر في صحيفة لا بريس ألان دوبوك يقول:
قمت بزيارة إلى كوبا منذ عدة أسابيع، ليس كصحافي إنما كسائح، كنت أريد مشاهدة العاصمة الكوبية قبل أن تجتاحها جحافل الأميركيين. فهافانا مدينة جذابة جراء تراثها التاريخي وثقافتها وطاقاتها وتناقضاتها. وكنت متحمسا لمراقبة تأثير تحديث الاقتصاد الذي اعتمده راول كاسترو منذ توليه السلطة خلفا لشقيقه فيديل منذ خمس سنوات. واكتشفت أن التغييرات مهمة وإلغاء قرار منع بيع العقارات كان له تأثير كبير على ترميم الممتلكات وتجديدها. فالفنادق الصغيرة والمنازل المعروضة للإيجار و المطاعم الخاصة والمقاهي يتضاعف عددها، والخضار والفاكهة متوفرة أكثر في الأسواق منذ السماح بالانتاج الزراعي المستقل.
لكن هذه التغييرات ما زالت بطيئة وخجولة. فباستثناء من يعتاشون من السياحة، ما زالت الأكثرية تعيش في الفقر ولا تشعر بتأثير الانفتاح الذي بدأه الرئيس الأميركي السنة الماضية لوضع حد لنصف قرن من الحرب الإيديولوجية والتجارية. لكن هذا التطبيع ما زال محدودا: فإعادة العلاقات الدبلوماسية والسماح للأميركيين بزيارة كوبا وتسهيل بعض المعاملات التجارية لم تؤدِ إلى تغييرات عملية، لأن سياسة الحظر ما زالت معتمدة . وهذا الحظر، الذي يمنع الأميركيين من التعاطي التجاري مع كوبا يشكل إجراء غبيا وعدوانيا ومبالغا فيه وهو أرث الحرب الباردة المستمر بسبب ضغوط المهاجرين الكوبيين في فلوريدا.
ونافذة الأمل هذه مهددة بالإقفال ربما مع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بالرغم من أن لا أحد يعرف ما سيفعله، هل سيكون براغماتيا ومنفتحا على فرص عمل واستثمارات أم أنه سيخضع لليمين الجمهوري؟
ويتابع ألان دوبوك: في هذا السياق الصعب، يمكن للفريق الاقتصادي الذي قاده رئيس حكومة كيبيك فيليب كويار إلى كوبا، وزيارة رئيس الحكومة الكندية جوستان ترودو، أن تكونا مهمتين بالنسبة إلى كوبا وأن تشكلا بديلا للتذكير بأن كندا لم تقطع أبدا علاقاتها مع كوبا لا بل اقامت علاقات صداقة معها منذ زيارة رئيس الحكومة الأسبق بيار إليوت ترودو عام 1976.
ويتابع ألان دوبوك في لا بريس:
هناك ربما من ينتقد هذه الصداقة مع ديكتاتورية شيوعية لكنها أقل إحراجا من علاقاتنا بالصين والعربية السعودية. ذلك أن هناك درجات للديكتاتورية فكوبا ديكتاتورية وليس فيها انتخابات كانتخاباتنا ولا حرية إعلام وتعاقب المنشقين وفيها سجناء سياسيون، لكن نظامها ليس نظام رعب وإرهاب إنما ديكتاتورية طرية، خانقة، ولكن غير عنيفة.
ولعل أفضل طريقة لمساعدتها على الانتقال إلى الديموقراطية تكمن في تعزيز التواصل والتبادل معها، وهذا ما فهمه باراك أوباما. فكوبا ليست كازاخستان وبسبب قربها الثقافي والجغرافي فإن انتقالها إلى الديموقراطية ليس فقط أمرا معقولا إنما أمر لا مفر منه.
ويرى ألان دوبوك أن العلاقات التجارية التي تسعى كندا إلى تعزيزها مع كوبا يمكنها أن تسهلّ هذا المسار عبر مساعدتها على رفع مستوى حياة الكوبيين وبخاصة عبر مساعدتها على الخروج من نظامها الاقتصادي الفاشل وليس فقط جراء الحظر والحصار.
ولعل ما يعزز الآمال لكوبا هو أن الثورة الكوبية كانت كارثة على الصعيد الاقتصادي لكنها ناجحة على الصعيد الاجتماعي وبخاصة على صعيد التربية والتعليم ما يسمح لكوبا بالاعتماد على طاقات رائعة لكي تعيد بناء نفسها على أسس جديدة وبنجاح، يختم ألان دوبوك مقاله في صحيفة لا بريس
استمعوا